على الرغم من كثرة المشاكل والقضايا المتعلقة بالمحاسبة الضريبية إلا أن الدراسات فيها تعد نادرة مع العلم بأن معدل الجرائم المالية يعتبر مرتفع نسبيًا ويعود سبب كثرتها أن المكلفين بأداء الضريبة يحاولون دائمًا التخلص منها بأشكال وأساليب مختلفة منها قانونية مثل التجنب الضريبي، وغير قانونية مثل التهرب الضريبي، ويعتبر التهرب من أخطر الجرائم الاقتصادية لانعكاسه على الاقتصاد الوطني.
التهرّب الضريبي
يعرّف بأنه محاولة الخاضع للضريبة بالإفلات كليًا أو جزئيًا من سدادها للجهة المختصة مما يؤثر في حصيلة الدولة من الضرائب، وفيه يخالف المكلّف الأحكام القانونية والتشريعات الضريبية مرتكبًا جرائم مالية يعاقب عليها القانون.
قضية عن التهرب الضريبي
تعتبر قضية أندرسون مثال حي يجسد هذه الجريمة والتي تعد من أكبر قضايا التهرب الضريبي في الولايات المتحدة وفي العالم بأسره، بدأت بوادرها في الثمانينات أنشأ أندرسون لشركة اتصالات في عرض المحيط على أراضي جزيرة بريطانية ، ومن ثم في بداية التسعينات اندمجت شركته الأولى مع شركة أخرى؛ مما ساعده في إخفاء دخله، وأيضا استخدم شركات خارجية متعددة وحسابات مصرفية لإخفاء ملكيته في شركات اتصالات أخرى والتي بدورها قد حققت أكثر من 450 مليون دولار من عام 1995م إلى عام 1999م.
في عام 2005 تم توجيه اتهامات للسيد أندرسون بالتهرب من دفع 200 مليون دولار من الضرائب الفيدرالية والمحلية، واعترف بالذنب منهن في تهمتين من التهرب الضريبي، وتهمة احتيال واحدة، وبإخفائه لمئات الملايين من الدولارات عن دائرة الإيرادات الداخلية وعن جامعي الضرائب في العاصمة واشنطن لعاميّ 1998م و1999م.
تم الحكم على أندرسون بالسجن وحرمانه من حق الكفالة، بسبب عدم تقديمه لإقرارات ضريبة الدخل الفيدرالية من عام 1987م إلى عام 1993م، وزعم ممثّلو الادعاء إنه مدين بمبلغ 170 مليون دولار من الضرائب الفيدرالية و40 مليون دولار من ضرائب الدخل في واشنطن.
أشكال التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية
في ١/١١/١٤٣٨ تم إصدار الأمر الملكي بالموافقة على تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وسبقها تطبيق الضرائب غير المباشرة على المنشآت والشركات والأفراد، ورغم وجود جهات المراقبة من الهيئة العامة للزكاة والدخل التي تتأكد من خضوع المنشآت والأفراد للقوانين وتطبيقهم للأسس المحاسبية، ألا أنه لا يزال هناك تهرّب ضريبي يشمل التلاعب أو التزوير للسلع والخدمات الخاضعة للضّريبة.
تعددت أشكال التهرب الضريبي في السعودية بصورة كبيرة، حيث يقوم الشخص بالكتمان عن أي نشاط اقتصادي لضمان عدم وصول أي معلومات لوزارة المالية، بالتالي عدم تسديد أي ضريبة مفروضة عليه، ومن أشكال التهرب الضريبي:
1) الفوترة الإلكترونية.
هي فاتورة يتم إصدارها وحفظها بصيغة إلكترونيّة منظّمة عبر نظام إلكتروني وتحتوي على متطلبات الفاتورة الضريبية، وهناك نوعين منها (الفاتورة الضريبية، والفاتورة الضريبية المبسطة)، بعد تطبيقها، خالف الكثير القوانين بحذفهم أو تعديلهم للفواتير بعد إصدارها. تتفاقم هذه المشكلة عند استرجاع أحد الزبائن لسلعة بالتالي حذف البائع للفاتورة ومخالفته للقوانين، حيث إن التصرف الصحيح في هذه الحالة يكون بإصدار إشعار دائن للفاتورة الضريبية المبسّطة الصادرة بشكل إلكتروني.
عقوبتها: غرامة مالية تبدأ من ١٠ آلاف ريال.
2) تقديم مستندات، أو إقرارات، أو سجلات، أو معلومات غير صحيحة، أو مزورة بقصد التهرب من سداد الضريبة المستحقة أو تخفيض قيمتها أو استردادها دون وجه حق.
عقوبتها: غرامة لا تقل عن قيمة الضريبة المستحقة ولا تزيد عن ثلاثة أمثال قيمة السلع أو الخدمات محل التهرب.
3) عدم تقديم الإقرار الضريبي.
مقابل تقديم المستندات الخاطئة، يوجد من لا يقدّم إقرارًا على الإطلاق خلال المدة المحددة.
عقوبتها: غرامة لا تقل عن ٥٪ ولا تزيد عن ٢٥٪ من قيمة الضريبة التي كان يتعين عليه الإقرار بها.
4) عدم التسجيل في نظام ضريبة القيمة المضافة.
كل من لم يتقدم بطلب التسجيل خلال المدة المحددة لذلك في اللائحة التنفيذية لنظام ضريبة القيمة المضافة، يعاقب بغرامة مقدارها (10.000) عشرة آلاف ريال.
التجنّب الضريبي
المسمى أيضًا بالتهرب المشروع حيث يتجنب المكلف تحمل الضريبة دون مخالفة أحكام التشريعات الضريبية وذلك بتنظيم مصادر دخله باستغلال الثغرات الموجودة في القانون بطريقة غير مخالفة لأحكامه.
أشكال التجنّب الضريبي:
كما هو مذكور أعلاه، هناك العديد من الطرق التي تتمكن فيها الكيانات المكلفة بالضرائب تجنب دفعها، يتضمن ذلك بعض الخصومات والاستثناءات والثغرات التي تستغلها الشركات لتجنب الضرائب، فيما يلي بعض الأدوات المتاحة لدافعي الضرائب للاستفادة من التجنب الضريبي.
1) التسجيل في إقليم معفى من الضريبة.
هناك ثغرات في بعض الأنظمة المحلية تسمح للشركات والأفراد بنقل أموالهم إلى ملاذ خارجي ذو ضريبة أقل أو معفى عن الضريبة، تكون لديه لوائح أكثر مرونة، وقوانين ضريبية أكثر ملاءمة، ومخاطر مالية أقل، ويكون ذلك عن طريق إنشاء شركات فرعية أو حساب بنكي في الدولة المستهدفة.
2) مصاريف مكان العمل.
قد يكون الموظف قادرًا على المطالبة بنفقات معينة ضرورية للقيام بعمله، لكن لا يتم تعويضها من خلال صاحب العمل في الإقرار الضريبي السنوي، مثل نفقات الأميال المقطوعة لمكان العمل بسيارة الموظف الشخصية، أو الأدوات التي يحتاج الموظف لاستعمالها.
3) استغلال أسعار التحويل المنخفضة.
تلجأ بعض الشركات الصناعية إلى تنظيم عمليات إنتاجها على مستوى العالم، حيث تستغل فيها البلدان التي تكثر فيها الموارد الطبيعية، والأيدي العاملة الماهرة غير المكلفة، والشروط البيئية غير مشددة، حيث تنهي فيها الشركة متطلباتها الصناعية بأقل التكاليف بينما تقوم الشركة بعملية التسويق النهائي لمنتجاتها للمستفيدين والمهتمين، فيها يتم تصدير المنتج مباشرة من البلد المصنّع ذو التّكاليف المخفّضة لبلد المشتري دون عبورها ببلد الشركة الأم.
المصادر:
Comments