المحاسبة قبل لوكا باتشولي
من المتعارف عليه أن أساس المحاسبة بالشكل الذي نستخدمه اليوم ، يمكن إرجاعها إلى إيطاليا ولوكا باتشولي، ورغم ذلك يجب القول أن لوكا باتشولي ليس أول من تعامل بالنظام المحاسبي ولكن لكونه أول فرد قام بتدوين النظام ونشره ، لأن التجا ركانوا يتبعون منهجية محاسبية لسنوات، و جاءت الحضارة الإسلامية التي أساس نظامها الاقتصادي مبني على القرآن يقدم أمثلة وتوجيهات على كيفية إدارة الاعمال و والاموال ، اذ أن الوحي بدأ حوالي عام 610م وهذا يعني أن المحاسبة الإسلامية كانت موجودة قبل حوالي 800 عام من كتاب باتشولي ، ونذكر هنا ما هو دليل على التطور الذي أخذته المحاسبة في العصر الإسلامي التي كانت موجودة عند العرب آنذاك ، حتى بروزها في إيطاليا
المحاسبة ما بعد عام 600م – بيت المال
أنشأت الدوايين والأجهزة التي تهتم بالمال العام ولعل اشهرها بيت المال الذي أنشأه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان الهدف يتمثل في تحديد وقياس أرباح الأنشطة المختلفة ، وكان بيت المال في ذلك الوقت بمثابة وزارة الخزانة في العهد الحالي، فكان لبيت المال نظام محاسبي له مبادئ ودفاتر وحسابات ومستندات
ومن اهم الدفاتر المستخدمة في بيت المال:
1- دفتر تعليق اليومية: يسجل فيه كل ما يتجدد في اليوم من إيرادات ومصروفات وهو يشبه في دفتر اليومية في العصر الحالي .
2- دفتر المخزومة: وفيه تسجل المعاملات اليومية لكل فرع من فروع الإيرادات والمصروفات وهو بذلك يشبه دفتر اليومية المساعد في العصر الحالي.
3- دفتر الجريدة: وفيه يسجل أسماء أصحاب الاستحقاق ومعاملاتهم المدينة والدائنة مع بيت المال ويسجل فيه أيضاَ موجودات المشروع من عروض التجارة والتغيرات التي تطرأ عليها وكان التسجيل يتم في هذا الدفتر من واقع تعليق اليومية، وهو بذلك يشبه دفتر الأستاذ في العصر الحالي.
العصر العباسي – ديوان الزمام
في هذا العصر شهد النظام المحاسبي تطورات مختلفة ، بابتكار جهة مستقلة للرقابة متمثلة في ديوان الزمام ، الذي يقوم بدور المحاسبة والرقابة على باقي الدوايين في عهد الدولة العباسية، ونتيجة للحروب والخلافات في الدولة الاسلامية ، طمست معالم المحاسبة .
عصر النهضة في الدولة العباسية كان مرحلة مهمة و فترة ابداعية بالمحاسبة ، تميزت المحاسبة فيه بتطوير صك النقود والبنوك لتيسير عملية التجارة ، والمحاسبة المزدوجة في زيادة دقة الحسابات ، و مفاهيم الحسابات العمومية التي تسمح بتسجيل وتنظيم جميع العمليات ، مع تطور التقارير فيها ، وتم تطوير العديد من المفاهيم التي لاتزال قائمة حتى اليوم
الايطاليون – القيد المزدوج
مع بداية الحروب على الدولة الإسلامية ، كانت إيطاليا تصل بين الشرق والغرب ، ونظرا لموقعها الجغرافي انتقلت اليهم العديد من العلوم ومنها المحاسبة ، حيث بدأوا هم بتطوير هذا العلم ، وظهرت اول وثيقة محاسبية عام 1211 م ، والتي تمثل اول حساب أستاذ حيث تم فيها اجراء تحويل مبسط ، وفكرة القيد المزدوج التي تعتبر أساس في علم المحاسبة عرفت لأول مره في مدينة جنوا بإيطاليا ، وان الدفاتر التجارية التي يرجع تاريخها الى عام 1340 م كانت تمسك بطريقة القيد المزدوج ، لوكا باتشولي الإيطالي هو من وضع أساس القيد المزدوج ، ومع ذلك التدوين الذي جاء به باتشولي قد سبقته تطورات محاسبية لايمكن تجاهلها
نشأة المحاسبة الإسلامية
نشأت المحاسبة الإسلامية في العصر الإسلامي الأول، حيث كانت تستخدم في المعاملات المالية والتجارية، و تعتمد على المبادئ الإسلامية في التعاملات المالية، ومن أهم العوامل التي أسهمت في نشأة المحاسبة الإسلامية هي الزكاة، حيث كانت تستخدم المحاسبة الزكوية في حساب الزكاة وتحديد النصاب والحسابات الزكوية، وفي العصور اللاحقة، شهدت المحاسبة الإسلامية تطورًا كبيرًا، حيث بدأت تظهر المراجعة المحاسبية والتدقيق، وتطورت طرق تقدير القيمة الزمنية للمال وحساب الأرباح والخسائر، وتم تحديد معايير وأدوات للتحكم في التلاعب بالحسابات والإخفاء الغير مشروع.
مفهوم المحاسبة الإسلامية
المحاسبة في الإسلام هي نظام محاسبي يستند إلى الشريعة الإسلامية ويهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة في المعاملات المالية. وتشمل المحاسبة في الإسلام جوانب مختلفة، مثل المحاسبة الزكوية والمحاسبة الإسلامية العامة والصكوية وغيرها.
يحوي القرآن الكريم على عدد من الآيات التي تشجع على المحافظة على العدل والإنصاف في جميع المعاملات المالية، ومن بينهذه الآيات:
1- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "(آل عمران)، وتحثّ هذه الآية على الابتعاد عن الربا وتجنب الوقوع فيه.
2- "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ" (القيامة)، وتشجع هذه الآية على الإحسان والعمل بالخير وتجنب الظلم والاحتيال.
3-"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" (البقرة)، وتشجع هذه الآية على تدوين الديون والالتزام بالمواعيد المتفق عليها.
هدف المحاسبة الإسلامية
تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة في المعاملات المالية والاقتصادية و الاجتماعية ، وتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في التعامل مع المال والموارد ، وتشجع على الإدارة الحكيمة للمال والإنفاق في سبيل الله وتقدير القيمة الزمنية للمال. كذلك تسعى إلى تحقيق الشفافية والإحسان في التعامل مع الآخرين، وتجنب الربا والاحتيال والتلاعب بالحسابات.
كما يتميز النظام المحاسبي الإسلامي بالتركيز على الأهداف الاجتماعية والإنسانية، بالإضافة إلى تحقيق الأرباح المالية.
المصطلحات المحاسبية
تحدد التعاريف التالية إطارا اسلاميا لبعض المصطلحات المحاسبية
الالتزامات
الالتزام هو التزام ناشئ عن معاملة أو حدث آخر حدث بالفعل وينطوي على البنك الإسلامي في تحويل مستقبلي محتمل للنقد أو السلع أو الخدمات، أو التخلي عن إيصال نقدي مستقبلي، يمكن قياس تاريخه وتسويتها بدقة معقولة. بشكل عام،يجب أن تكون المسؤولية قابلة للتنفيذ بموجب قواعد الشريعة. ولكن إذا تكبد البنك الإسلامي التزاما غير صالح بموجب الشريعة الإسلامية، فلا يزال يتعين الاعتراف به كمسؤولية
حقوق الملكية لحاملي الحسابات غير المقيدة
تشير إلى الأموال التي يتلقاها البنك الإسلامي من المودعين على أساس أن البنك سيكون له الحق في استخدام تلك الأموال دون قيود لتمويل استثمارات البنك ضمن إطار الشريعة الإسلامية.
الاستثمارات المقيدة
هي الأصول التي تحصل عليها الأموال التي يقدمها أصحاب حسابات الاستثمار المقيدة. لا يمتلك البنك الإسلامي هذه الأصول. يديرها البنك فقط إما مقابل رسوم ثابتة أو في عقد مضاربة من أجل الربح.
أموال الزكاة
يقصد بها إخراج قدر معين من المال لمن بلغ ماله النصاب في كل حول(سنة) فهي واجبة من مال الأغنياء يرد الى الفقراء ، والمسؤول عن جبايتها في المملكة العربية السعودية هي هيئة الزكاة والضريبة والجمارك. والزكاة هي أرقى صور التكافل والتراحم الاجتماعي الذي لا يعرف نظيراً له في أي مجتمع.
صناديق القرض الحسنة
يتكون من صناديق متجددة لتقديم قروض بدون فوائد لفترة من الزمن. في بعض الحالات، قد يتم إعفاء القروض.
المبادئ المحاسبية الإسلامية
مبادئ المحاسبة المالية هي مجموعة من المبادئ الأساسية التي يجب اتباعها في المحاسبة المالية وتطبق في المحاسبةالاسلامية لضمان تقارير مالية دقيقة وموثوقة. ومن هذه المبادئ:
- مبدأ الوفاء بالالتزامات المالية: ينص على ضرورة تسجيل جميع الالتزامات المالية والتأكد من وفاءها في الوقت المحدد.
- مبدأ الحيادية: ينص على ضرورة تفادي أي تأثيرات أو تأثيرات محتملة على المعاملات المالية بسبب مصالح شخصية أوجهوية.
- مبدأ الصدق والثقة: ينص على ضرورة توفير معلومات مالية دقيقة وموثوقة للمستخدمين، وذلك لضمان الثقة في القراراتالمالية.
- مبدأ القياس: ينص على أن المعاملات المالية يجب قياسها بشكل دقيق ومناسب، وذلك للحصول على معلومات مالية دقيقةوموثوقة.
- مبدأ المحافظة على الأصول: ينص على ضرورة المحافظة على أصول للشركة وتوثيقها بشكل دقيق.
- مبدأ الاقتصادية: ينص على ضرورة تحقيق التوازن بين النفقات والإيرادات والحفاظ على تكاليف الإنتاج والتشغيل فيالحدود المعقولة.
الفرق بين المحاسبة الاسلامية والتقليدية
لفهم المحاسبة الإسلامية بشكل أفضل من الضروري مقارنتها بالمحاسبة التقليدية ، وهي تختلف عنها من نواحي كثيرة مثل معالجة الأرباح والخسائر عوضا عن دور الفائدة ، ومن أبرز هذه الفروقات:
- الاهداف: في المحاسبة التقليدية، تركز على الأهداف المالية والأرباح، بينما تركز الإسلامية على المبادئ الإسلامية والأهداف الاجتماعية والإنسانية.
- التدقيق والمراجعة :في المحاسبة الإسلامية، يتم التأكد من تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في جميع المعاملات المالية، بينما في المحاسبة التقليدية، يتم التأكد من دقة البيانات المالية وانطباق المبادئ المحاسبية القياسية.
- المحاسبة الزكوية: تشمل المحاسبة الإسلامية مفهوم المحاسبة الزكوية، حيث يتم حساب وتوزيع الزكاة على الأموال والأصول المالية، وهذا الجانب غير موجود في المحاسبة التقليدية.
المعايير الدولية الإسلامية
إن تعقيد العقود التجارية والنمو المتنامي للتمويل الإسلامي يتطلب تطوير معايير إضافية داخل إطار الشريعة الإسلامية. وهكذا، تم إنشاء AAOIFI، يليها IFSB ، بهدف توفير معايير للتمويل الإسلامي المنسقة مع الممارسات العالمية.
AAOIFI /1
في ضوء الحاجة إلى التوحيد القياسي في المحاسبة الإسلامية، أنشأت المؤسسات المالية الإسلامية والأطراف المهتمة الأخرى منظمة المحاسبة ومراجعة الحسابات للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) في أوائل التسعينيات . يقع مقر AAOIFI في البحرين وتعمل كمنظمة دولية مستقلة بدعم من حوالي 200 عضو مؤسسي قادمين من حوالي 45 دولة مختلفة . ومع ذلك، يتم تنفيذ المعايير على الصعيد العالمي حتى في الدول غير الأعضاء لأنها تنطبق على المؤسسات المالية الدولية في جميع أنحاء العالم.
حتى الآن، نشروا حوالي 85 معيارا، وهي :
• 26 معايير محاسبية
• 5 معايير تدقيق
• 7 معايير الحوكمة
• 2 معايير الأخلاقيات
• 45 معيارا شريعة
IFSB /2
مجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB) ، ومقره كوالالمبور ، وهو بمثابة هيئة دولية لوضع المعايير للوكالات التنظيمية والإشرافية التي لها مصلحة في ضمان سلامة واستقرار صناعة الخدمات المالية الإسلامية ، ولتعزيز هذه المهمة ،يقوم المجلس بإدخال معايير دولية جديدة أو مواءمتها مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، والتوصية باعتمادها. يتكون أعضاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية البالغ عددهم 187 عضوًا تعمل في 57 سلطة قضائية.
كاتبة المقال: حنان الشاوي
المصادر :
Comments